إعتدت ممارسة رياضة المشي سواء ليلا أو نهارا وأثناء سيرى ليلا وجدت فى أحد الشوارع بائع ترمس، بدت على وجهه ملامح الإرهاق والكبر وبساطة الملبس، ودار بيننا حديثا مقتضبا.
مساء الخير ياعمنا
فرد على تحية المساء
أردت أن أعرف بعض المعلومات عن مسكنه وكيف يعيش فى هذه الظروف الحالكة السواد، والتى يئن منها المواطن المصرى.
فقلت له أين تعيش؟
فكان الرد ” أنا ساكن فى شقه إيجار قديم عبارة عن حجرة ودورة مياه و أشكر الله على محبته ونعمه”
أسرنى هذا الرجل المسكين بفضيلتى القناعة والرضا”.
واصلت الحديث معه، وقلت له عندك أولاد ؟
قال ” أنا لم أتزوج، فقد كان أبى مريضا فلم تسعفن الظروف للتأهل، لقد كانت مصاريف علاج أبى باهظة فكيف أتركه وأتزوج ؟! “
فقلت انت عايش لوحدك؟
قال” أنا عايش مع أختى فاتها قطار الزواج وأنا اللي براعيها ” .
و أين تعمل أختك ؟
قال ” كانت بتشتغل عاملة فى إحدى المدارس وهي الآن على المعاش” .
وواصلت الحديث معه متسائلا ألم تقم أية مؤسسة خيرية بمساعدتك؟
فكان الرد كالصاعقه بالنسبة لى : ” كثيرون عرضوا عليا المساعدة ولم أرض ، فأنا قانع بعطاء وقضاء وحكمة الله “
وقال لي أيضا ” نحن كلنا مدينون لربنا، ربنا حافظنا بستره ورحمته”
وهذه الجمله هزت أعماقي، لأني لم أتوقعها من رجل فى مثل هذه الظروف، يبيع ترمس فى الشوارع ليكسب لقمته بعرق جبينه والعائد بسيط بالكاد يسد به رمقه.
بحق لم أتمالك نفسي أمام العمق الإيمانى لهذا الرجل و هو يعيش مأساة بكل ما فى الكلمه من معنى ، وحاولت أخذ رقم تليفونه، فقال لى ” ليس معى تليفون، كان معى تليفون بسيط وعطل منى، وفضلت أن أسير فى ستر الله ومخافته وحمايته فهو الحافظ وهو أرحم الراحمين”
تركته وتابعت السير، وتعجبت فى نفسى من مدى الرضا والقناعه والإيمان الفطرى لهذا الرجل البسيط !