مطلوب إدراج مهنة صناعة الجريد ضمن تنمية المشروعات الصغيرة
أجيال متعاقبة ومهنة واحدة توارثها الجميع الآباء عن الأجداد والأحفاد، مهنة عندما تجلس بين محترفيها والعاملين بها تعيدك إلى عظمة التاريخ وإلى بساطة العيش، فهى تجمع بين الحرفية العالية والتفكير والابتكار، وبين القوة وتطويع الخامات دون أن تنكسر أو حتى تشوه، وهى صناعة الجريد التى تشكل إحدى الصناعات اليديوية التى تواجه شبح الاندثار، والمنتجات من “اسرة الأطفال والكنب والطاولات” المصنوعة من الجريد تحاول منافسة الأخرى المصنوعة من الخشب والبلاستيك بقوة، هنا وفى صعيد مصر مكان صغير يطل على الطريق الرئيسى لمدخل قرية “اشمنت” التابعة لمركز ومدينة ناصر شمال محافظة بنى سويف، وعلى يمين ويسار المدخل اعمال فنية مبنية من الجريد، يخرج منها أصوات طرق خفيفة كانت هى السمة الغالبة على المكان كله، وأمام هذه “الأكواخ الخشبية” كانت أكوام من بقايا الجريد المصنع، وأخرى من جريد لم يتم تصنيعه بعد، وفى الداخل ينهمك عم نادى عبد العاطي عويس الحطايبي، فى عملة رغم انة سبعينى إلا انة يمتلك الحرفية العالية فى التصنيع داخل ورشتة.
“أيقون عربية” التقت عم نادى وهوا أحد أقدم صناع الجريد بقرية اشمنت التابعة لمركز ومدينة ناصر شمال محافظة بنى سويف، والذى يمارس المهنة بأحترافية، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل أنه علم أسرارها لابنائة ومساعدية ليسيروا على الدرب، ويمزجون ما تعلموة منه بما تعلموة بالمدارس.
فى البداية يقول عم نادى الحطايبى، أعمل بهذه المهنة منذ 50 سنة تقريبا وتوارثتها منذ زمن طويل، وعلمت ابنائى ومساعدي نفس المهنة من أجل الإستمرار وعدم انقراض المهنة، وأعمل أكثر من 12 ساعة يوميا، وأصنع من الجريد معظم الأثاث المنزلى من كراسى وطقطوقة وأسرة أطفال وأقفاص للفاكهة، واقفاص للعيش، وإن كانت هناك منافسة قوية بينها وبين الأقفاص البلاستيك التى ظهرت فى هذه الأيام الأخيرة.
نلاحظ بجوار عم نادي، وجود بعض الأدوات التى يتم استخدامها فى تصنيع الجريد، فكان فى يديه “السلاح”، وهو نوع معين من السكاكين، يتم استخدامه فى تقطيع الجريد الأخضر، وهو يختلف عن “السكينة” التى يستخدمها فى تقطيع الجريد الناشف، بالإضافة إلى “اللقط”، الذى يستخدم فى ثقب الجريد حسب الحاجة، وفى مرحلة تجهيز الجريدة للتصنيع يقوم “عم نادي” بتقسيمها إلى ثلاثة أقسام، “المخ”، وهو الجزء السفلى، و”التونى”، وهو الجزء الأوسط، و”الطولي” وهو أطراف الجريدة، ولكل من هذه الأجزاء استخدام يختلف عن الآخر فيما يتم تصنيعه.
منتجات مختلفة من الجريد يقوم عم “نادى” بتصنيعها فى ورشته، تمثلت فى أقفاص الخضر والفاكهة والطماطم، وهى أكثر ما ينتج، إضافة إلى أقفاص العيش والكراسى وبعض المنتجات الأخرى، تحتاج جميعها إلى نوعين من الجريد، الأخضر، وهو الذى لا يمر أسبوع على قطعه من النخل، يتم تخزينه هذا الأسبوع لتصفية ما في
وأضاف عم نادى، أن الصناعة تعتمد على عدة أشياء وهى جريد النخيل، وعمال وصنايعية يستخدمون عقلهم لتشكيل الجريد من شكل واحد ثابت جامد لا تغير فيه إلى أشكال متعددة وإلى أدوات العمل، والتى تتضمن المسياف وهو يشبه السكين ومسامير للتخريم وقطع خشبية للدق، بالإضافة إلى استخدام مهارات الأيدى والأقدام التى يتم الاعتماد عليهما فى تلك الصنعة بشكل كبير.
وعن أهم الزبائن الذين يأتون للشراء قال عم نادى، فى المقام الأول السيدات والمزارعون، فهم يشترون الكفايات التى تحافظ على الفراخ وعلى الحمام وعلى الكتاكيت، بمعنى أنها تستخدم للتربية وسعرها ما بين 50 إلى 55 جنيها تقريبا، وهناك أصحاب المقاهى والكافتيريات الذين يحضرون لشراء الطقطوقة والكراسى المصنوعة من خامات الجريد، وهى يتراوح سعرها ما بين 90 إلى 100 جنيه وحسب الكمية، وهم يلجأون للشراء لمتانتها، وأنها تصمد طويلا وتتحمل أوزان كبيرة عليها دون أن تتأثر.
وتابع عم نادى هناك من يأتى إلينا للحصول على سرير الأطفال وهذه الأسرة صحية جدا، وعادة من يأتى للحصول عليها من يرزق بمولود جديد.
أما احمد سيد، احد العاملين، تعلمت المهنة من عم نادي، وأرافقه طوال اليوم، وأقوم بتصنيع كل شىء، وأحاول أن أستخدم خبرتة فى عمليات التصنيع، فالمهنة شيقة، وتعتمد على تشغيل العقل والابتكار والدقة والحرص.
ويطالب عم نادى، بأن يتم إدراج مهنة صناعة الجريد ضمن تنمية المشروعات الصغيرة، حتى نستطيع التوسع والتطوير فى المهنة، حيث وصل سعر ال 1000 جريدة نخيل فى هذه الأيام إلى 4000 جنيه، ونحصل عليها بصعوبة، خاصة أن القرى ما زالت تستخدم الجريد حتى الآن فى سقف وتعريش أحواش المواشى بدلا من سقفها بالخرسانة، لأن الجريد يكون جيد التهوية، ولا يتسبب فى ارتفاع درجة حرارة الحظيرة، لأنه مغطى بالطين على عكس المسلح فهو غير صحى.
مضيفا ان الجميع يعتمد فى الحصول على الجريد من مكانين فقط، الأول من مناطق محددة فى محافظة الجيزة مثل كرداسة والبدرشين والحوامدية، إضافة إلى مدينة رشيد التابعة لمحافظة البحيرة، ويختلف سعر الجريد حسب نوع وحجم الجريدة، حيث تبدأ من 4.5 جنيه وحتى 6.50 جنيهات للجريدة الواحدة، وأضاف قائلاً الجريد ده لازم يكون طالع من النخل البلدى طراح البلح، ومينفعش يكون من نخل الزينة.